دخل الفاطميون مصر عام 358ھ وشيدوا فيها مدينة القاهرة وأصبحت مدينة مزدهرة رائعة ، وأهم مافعله الفاطميون هو الأهتمام بالفن واخراج طراز فني مصري اسلامي متميز.
الخزف في العصر الفاطمي:-
قد ازدهرت صناعة الخزف في العصر الفاطمي ومن أشهر أنواع الخزف الفاطمي هو الخزف ذو البريق المعدني ، ظهر هذا النوع من الخزف في القرن الثالث الهجري وأرجع العلماء سبب ظهوره الي تحريم استعمال الأواني المصنوعة من الذهب والفضة.
وقد ازدهرت صناعة هذا النوع من الخزف في العصر الفاطمي ازدهاراً عظيماً ، وأضاف فنان هذا العصر اضافات رائعة لهذا النوع من الخزف سواء من حيث التنويع في الأكاسيد المستخدمة في صناعته أو تنويع الزخارف المستخدمة في تزيين هذا النوع.
وقد تدهورت صناعة هذا النوع من الخزف في مصر في العصر الأخشيدي ، ولكن يذكر مارتن أن الفاطميين بلغوا درجة كبيرة من القوة جعلتهم يستدعون الفنانين من العراق الي القاهرة للنهوض بصناعة هذا النوع من الخزف في مصر. يذكر (أ.د محمود ابراهيم) أن انتاج الخزف ذو البريق المعدني في العصر الفاطمي ينقسم الي مرحلتين:
- الأولي:- تبدو فيها الصلة بين زخارفها وبين زخارف الخزف ذو البريق المعدني في العصر الطولوني.
- الثانية:- يبدو فيها تطوراً كبيراً بالأضافة الي الأختلاف بينها وبين المجموعة الأولي في أشكال الأواني.
· المناظر المصورة علي الخزف ذو البريق المعدني في العصر الفاطمي:-
تعددت المناظر المصورة علي هذا النوع من الخزف في العصر الفاطمي ومنها:
- مناظر الشراب والتي شاعت علي الخزف الفاطمي ويرجع وجود هذه المناظر الي أن الفاطميين كانت لهم كثير من الأحتفالات المختلفة. وبالأضافة الي مناظر الشراب ظهرت مناظر الموسيقيين والموسيقيات وهي مناظر مرتبطة بحياة الطبقة الأرستقراطية ، والي جانب هذه المناظر وجدت مناظر الرقص وقد ارتبطت هذه المناظر بما يتم داخل البلاط الفاطمي. وكل هذه الموضوعات استمدها الفنان الفاطمي من الفنان الساساني والتي صور علي منتاجاته الفنية الكثير من مناظر الموسيقي والطرب والرقص والشراب وهي موضوعات متعلقة بما يتم في القصور الساسانية.
- ظهرت مناظر الصيد علي الخزف الفاطمي وهي أيضاً موضوعات متعلقة بالبلاط الفاطمي ، فقد كانت هواية الصيد من أكثر الأمور المحببة الي نفوس الخلفاء والحكام فقد عٌرف الخليفة الفاطمي العزيز بالله بالخليفة الصياد. وقد وجدت حارة في العصر الفاطمي تعرف بحارة البيازرة أي حاملي الباز.
- والي جانب موضوعات الطبقة الأرستقراطية ظهرت موضوعات تخص حياة عامة الشعب من مناظر الحمالين وأصحاب الحرف ، والألعاب الشعبية ومنها لعبة التحطيب وترويض الحيوانات ومهارشة الديكة.
- وظهر أيضاً علي الخزف الفاطمي مناظر دينية مسيحية مما دفع الكثير من المستشرقين الي القول بأن صناعها أقباط ، ولكنت توقف المناظر الفنية تتوقف علي ذوق راعي الفن وليس علي الأنا الفاعلة له.
- بالأضافة الي ذلك ظهرت مناظر الحيوانات ، منها مناظر الأنقضاض ، مناظر تتابع الحيوانات ، مناظر تقابلها أو تدابرها ، الحيوانات التي تحمل في فمها فرع نباتي ، ومن هذه الحيوانات: الأرانب والغزلان والأسود والأفيال والأسماك.
وقد اختفي الخزف ذو البريق المعدني في نهاية العصر الفاطمي ويرجع ذلك الي تدهور الحالة الأقتصادية في نهاية هذا العصر مما أدي الي قلة هذا النوع من الخزف المرتفع الثمن وظهور أنواع أخري أقل منه ثمناً وقيمة.
قد انتشرت في نهاية العصر الفاطمي أنواع متعددة من الخزف منها:-
الخزف ذي الزخارف المحفورة أو المحزوزة:-
- زخارف هذا النوع يعلوها طلاء زجاجي شفاف أو طلاء ذو لون واحد. وجدت أعداد كبيرة منه في مدينة الفسطاط مما يدل علي أنها كانت مركز صناعته. ألوان هذا النوع من الخزف هي : الأزرق ، البنفسجي ، الأخضر الفاتح ، الأبيض المائل للصفرة.
- الي جانب هذا النوع من الخزف ظهر نوع أخر اقتصر الدهان فيه علي أجزاء منه دون أجزاء أخري ، كانت زخارفه تنقش علي طبقة البطانة ثم تترك لتجف ثم تطلي بطلاء شفاف ثم توضع في الفرن لتثبيت الطلاء.
- ظهر في العصر الفاطمي نوع من الخزف البسيط أو الريفي قوام زخرفته خطوط ونقاط ورسوم بسيطة بالألوان البيضاء والصفراء والخضراء ويٌعرف هذا النوع باسم خزف الفيوم وهو تقليداً للخزف الصيني.
أشهر الخزافين في العصر الفاطمي:-
قد ظهر علي الخزف الفاطمي وخاصة ذو البريق المعدني منه كتابة أسماء بعض الفنانين. وقد اتفق علماء الفنون علي أن هناك مدرستين رئيسيتين في صناعة الخزف ذو البريق المعدني وهما:
· مدرسة مسلم بن الدهان:-
- يٌعد من أعلام صناع الخزف في العصر الفاطمي ، جاء توقيعه بأسم مسلم بن الدهان وتارة بأسم أبو القسم مسلم بن الدهان وأحياناً مسلم فقط.
- تميز اسلوبه في الزخرفة بالبساطة وحرية الحركة والجرأة في التعبير ، وهو يميل الي رسم موضوعه الرئيسي بحيث يتوسط الأناء ويحاول ايجاد زخارف نباتية للموضوع بحيث لايترك أي جزء خالي من الزخارف.
- وبالنسبة لزخارفه الآدمية ، تناولت كل الموضوعات المتعلقة بتسليات البلاط ، مثل: موضوعات الشراب ، الموسيقي والرقص والغناء ، بالأضافة الي الموضوعات التي تتعلق بحياة عامة الشعب ، مثل: مناظر الحمالين ، رسوم التحطيب ، المصارعة ، مهارشة الديكة.
- ويتضح في رسومه الآدمية التي تتعلق بالحياة الأرستقراطية الأشخاص بدون لٌحي وعيونهم جميلة هادئة يعلوها حاجبان مقوسان. أما بالنسبة لملامح الأشخاص في الموضوعات الشعبية فإن وجوههم كانت معبرة مليئة بالأنفعالات ، تتسم ملابسهم بالبساطة الشديدة وهي خالية من الزخارف في معظم الأحيان.
- أما فيما يتعلق بالحيوانات والطيور فإنها كانت ترسم بأجسام ممتلئة وسمينة تمتاز بالقوة والبعد عن العنف ، ومن الحيوانات التي شغف بها مسلم هي الأرنب والغزال. أما الطيور فإنه رسم بالطاووس بكثرة.
- يوجد مرحلتين لمسلم في رسمه لحيواناته وطيوره:
الأولي:- مرحلة مبكرة تمتاز رسومه فيها بالبساطة والبدائية والقرب من أسلوب الرسوم الطولونية.
الثانية:- تمتاز بالقرب من الطبيعة واكساب الحيوانات قدر كبير من المرونة والحيوية.
- ومن الفنانين اللذين تتلمذوا علي يد مسلم وبالتالي تشابه أسلوبه معه:-
جعفر المصري:-
- فقد كان أسلوبه الفني قريباً من أسلوب مسلم ، فتشابهت رموسه الآدمية مع رسوم مسلم ، الا أن الوجوه عند جعفر كانت أكثر تقدماً منها عند مسلم من حيث الاتقان والدقة في رسم التفاصيل ، كما تميز باستخدام عنصر نباتي واحد في زخرفة ثياب أشخاصه وهذا العنصر عبارة عن ورقة نباتية متعددة الفصوص.
- أما بالنسبة لرسومه الحيوانية كانت أقل اتقاناً من رسوم مسلم.
علي البيطار:-
- وهو من الصناع المبكرين للخزف الفاطمي ، ومن المعتقد أنه كان يعمل في منطقة الفسطاط ، وكان أسلوبه قريب الصلة من أسلوب مسلم.
- يشبه أسلوبه أسلوب الزخارف التي سادت في العصر الطولوني. فقد غلب علي رسومه الآدمية الروح الطولونية التي تتميز بالخشونة بالأضافة الي ضخامة العناصر وعدم الدقة في رسمها. وقد استخدم الزخارف الهندسية في زخرفة ملابسه المتمثلة في أشكال سداسية تملؤها معينات صغيرة.
- أما رسوم الطيور والحيوانات يغلب عليها طابع البساطة والبدائية.
الطبيب:-
- من مصوري الخزف في العصر الفاطمي والتي كان له شخصية متميزة قريبة الصلة بأسلوب مسلم. وقد استخدم أكثر من لون واحد من ألوان البريق المعدني.
- كانت رسوم الحيوانات لديه أكثر رشاقة وحيوية منها عند مسلم ، إلا إنه كان من الصعب معرفة هويتها.وكان يرسم حيوانات غير مألوفة في التصاوير الخزفية في العصر الفاطمي مثل الكلاب والفهود والثعالب ، كما أنه أظهر براعة واضحة في رسوم الطيور مع الدقة في رسم التفاصيل.
أحمد الصياد:-
- يٌعد من صناعالخزف الفاطمي المبكرين ، وكان أسلوبه في الرسم قريب من أسلوب الطبيب.
- يجمع في زخرفة القطعة الواحدة بين طريقتين في الرسم ، أسلوب الرسم بالبريق المعدني بالأضافة الي طلائه بألوان أخري من تحته. يتميز بالزخارف النباتية في تصاويره.
الشريف أبو العشاق:-
- يمثل في أسلوبه الفني مرحلة انتقالية عن أسلوب مدرسة مسلم. وقد ورد أسمه باشارات متعددة ( عمل شريف عشاق ، الشريف أبو العشاق)
- تتميز تصاويره الحيوانية بأنها ذات أجسام ممتلئة وضخمة ولكنها لا تفقد حيويتها ورشاقتها.
ابن الساجي:-
- من فناني مرحلة الأنتقال في العصر الفاطمي ، ويٌعد أسلوبه أكثر تطوراً من أسلوب الشريف أبو العشاق.
- أسلوبه الفني أقرب الي اسلوب سعد منه الي مسلم.
· مدرسة سعد:-
- يٌعد من أعلام مزوقي الخزف الفاطمي ، ويمثل مرحلة متطورة عن مسلم.
- تتميز منتجاته الفنية بأنها لاتكون مغطاة بالطلاء إلا نادراً ، استعمل البريق المعدني النحاسي والزيتوني المائل إلي الأصفرار.
- وعن رسومه الآدمية تميل الي الطابع الأنثوي في ملامح الرجال. كما أنه اهتم برسم الموضوعات الزخرفية التقليدية مثل: رسوم الأسماك والطيور المتقابلة ورسوم الأرابيسك والفروع النباتية.
- كان من أبرز الموضوعات التي مثلها سعد علي الخزف الفاطمي ، الموضوعات التي تمثل رجال الدين المسيحي ، ومنها القطعة التي تحمل رسم قسيساً ويمسك مبخرة في يديه وعلي جانبه علامة عنخ أمون التي رمز بها المسيحين الي الصليب ، مما أدي الي قول المستشرقين بأن هذا الخزاف كان قبطياً ، يرد (أ.د محمود ابراهيم) علي ذلك بأن الموضوعات الفنية تتوقف علي ذوق راعي الفن وليس علي شخصية الفنان ، كما أنه عثر علي قطعة من الخزف ذي البريق المعدني وعليها امضاء سعد بأسمه كاملاً (سعد عمر بن مؤمن موسي) وهذا الأسم يدل علي أنه مسلماً.
- تميزت رسومه الحيوانية بالقرب من الطبيعة والعناية بالنسب التشريحية بالأضافة الي طابع الحيوية والحركة.
كرم وابراهيم:-
- من الفنانين اللذين تأثروا بأسلوب سعد سواء في الزخرفة أو في طريق الرسم.
مراكز صناعة الخزف في العصر الفاطمي:-
- الفسطاط: تعتبر أحد المراكز الهامة لصناعة الخزف في العصر الإسلامي.
- القاهرة: بما انها عاصمة الخلافة الفاطمية فكانت مركزاً فنياً لصناعة الخزف وذلك لتكون هذه الصناعة قريبة من القصور الملكية حتي تكون تحت اشراف الخلفاء.
- الأسكندرية: كانت مركزاً محلياً لصناعة التحف الخزفية ذات الزخارف والرسوم البارزة ذات اللون الواحد.
- الفيوم: قد ظهرنوع من الخزف أطلق عليه خزف الفيوم ، قد صنع هذا النوع من الخزف لأول مرة في الفيوم ثم نٌقل الس الفسطاط لتسويقه.
المصادر:-
1- الفنون الأسلامية في العصرين الفاطمي والأيوبي ، أ.د محمود ابراهيم.
2- الخزف الأسلامي في مصر ، أ.د محمود ابراهيم.
3- الأرابيسك ، أ.د محمود ابراهيم.
4- الفنون الأسلامية المبكرة في العصرين الأموي والعباسي ، د. علي الطايش.
5- الفنون الأسلامية ، د. سعاد ماهر.
2 التعليقات:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا من اجمل ماقرأت عن الخزف الفاطمى ولكن اريد ان اضيف ان هناك نوع اخر من الخزف الفاطمى ظهر فى مصر فى مدينة راية فى سيناء وهذا النوع من الخزف اخذ شهرة عالمية اخرى وكان يصدر الى الخارج وقد تم العثور عليه فى راية بالقرب من طور سيناء وكان لى الشرف مع مجموعة من الزملاء بالكشف عنه وكان من اعمال منطقة اثار جنوب سيناء الاسلامية وقد كان ذلك فى 1998م فى موقع تم الاشتراك فييه بعد ذلك مع بعثة الشرق الاوسط اليابانية واننى على اتم الاستعداد ان اتقدم بهذا البحث فى هذا الموقع المشرف ان اقدم فيه ابحاثى ولكن اخبرونى عن طريقة التقدم بهذه الابحاث مع الشكر .
اهلاً وسهلاً بحضرتك أستاذ طارق النجار وشاكرين لحضرتك جزيلاً علي هذه الاضافة ونرحب بحضرتك وبكل المقالات والأبحاث الموثوقة التي تريد حضرتك نشرها من خلال هذا الموقع ولإرسال الأبحاث، يمكن لحضرتك إرسالها في رسالة علي هذا الحساب علي الفيس
https://www.facebook.com/ahmednhro
وسيتم نشرها فوراً علي الموقع.
أضف تعليقك
تعليقك يهمنا ويشجعنا
اترك تعليقك هنا