لأصحاب السرعات المحدودة متاح سيديهات و فلاشات محمل عليها المراجع

هام إضغط هنا

الخميس، 15 سبتمبر 2016

الأسواق والشوارع في العمارة الإسلامية


الأسواق والشوارع في العمارة الإسلامية

جاد الله فرحات









الأسواق .. الطابع والتاريخ
الأسواق في المدن الإسلامية تعتبر مظهرا مميزا في العمارة قديما، لما تمتاز به من القبوات والعقود الضخمة، ولا تزال بعض المدن الإسلامية محتفظة بطابعها التاريخي القديم في أسواقها الجميلة، ومثال ذلك القاهرة ودمشق وحلب وتونس والمدينة المنورة ومكة المكرمة والكويت والإمارات والمغرب.

ولما كانت نسبة كبيرة من سكان المدن العربية تعمل بالتجارة نظرا لازدياد النشاط التجاري العابر في هذه المنطقة من العالم، فقد انعكست هذه الظاهرة على العناصر التخطيطية المكونة للمدينة العربية القديمة، فأقيمت الأسواق في مناطق خاصة من المدينة، كما امتد النشاط التجاري على طول الشوارع في مناطق أخرى، وهنا يجدر الفصل بين الأسواق التي تحوي النشاط التجاري الموسمي أو المتنقل، والشوارع التجارية التي تحوي النشاط التجاري الثابت في المحلات التجارية، وقد سميت هذه الأسواق بأسماء السلع التجارية التي كانت تباع فيها.

لقد كانت الشوارع التجارية أو الأسواق من أهم العناصر التخطيطية التي ارتبطت بالسكان في المدينة الإسلامية، إذ لم يتأثر هذا النوع من النشاط الجماعي كثيرا بالبصمات الشخصية التي تركها الحكام الذين تتابعوا عليها في العصور المختلفة، ومن هنا كانت الشوارع التجارية أو الأسواق من أهم العناصر المكونة للتراث الحضاري للمدينة الإسلامية القديمة، لما كان لها من صفة الاستمرار والنمو العضوي.

الأسواق العامة في المدن المصرية
لقد كانت الأسواق العامة تقع عند ملتقى طرق النقل البرية أو النهرية، كما كان الحال في مدينة الفسطاط عندما ظهرت كثير من المحلات التجارية على ساحل النيل، بينما بنى عبد العزيز بن مروان بعض المناطق التجارية داخل المدينة نفسها وكانت لها مسمياتها النوعية مثل قيسارية (أي الشارع التجاري) العسل، وقيسارية البز (المنسوجات)، وسوق القناديل.

في هذه الحقبة من التاريخ ازدهرت التجارة الوافدة من بحر الروم (البحر المتوسط) ومن بحر القلزم (البحر الأحمر)، واستمرت هذه الأسواق عامة حتى بناء مدينتي العسكر والقطائع، إذ ارتبطت بهما بعد ذلك.

وتكررت الصورة في مدينة العسكر، ثم في مدينة القطائع التي سميت أسواقها بمسميات شبه نوعية، مثل سوق العيارين، وكان به جميع العطارين والبزازين، وسوق الفاميين، وكان يجمع الجزارين والبقالين، وامتدت الصورة فيالعصر الفاطمي والعصر الأيوبي إلى أن زادت حركة التجارة الشرقية التي كانت تخترق مصر والشام في طريقها إلى أوروبا في عصر المماليك، الأمر الذي استدعى بناء الخانات أو الفنادق والأسواق،

ففي الخانات والفنادق كان ينزل التجار القادمون من الشام بسلعهم ودوابهم ويختزنون بضائعهم في المخازن والحواصل، وتؤدى لهم الأعمال المصرفية، واشتهرت هذه الفترة ببناء كثير من الوكالات والخانات مثل خان مسرور، وخان الخليلي الذي هدمه السلطان الغوري بعد ذلك ليبني مكانه مجموعة من الدكاكين والربوع والوكالات التي هدمت بدورها وأعيد بناء خان الخليلي مرة أخرى.

أسواق القاهرة القديمة
واستمرت الصورة الغالبة لأسواق القاهرة القديمة في الشوارع التجارية التخصصية التي سميت أسواقها بأسماء السلع والبضائع التي تحويها، ومن أهم الأسواق سوق القصبة على طول شارع القصبة الذي كان العمود الفقري لقاهرة المعز، ويمتد من باب الفتوح حتى باب زويلة مارا فيما بين القصرين، وقد سميت أجزاؤه المختلفة بأسماء السلع التي به، وتفرعت من هذا الشارع التجاري الرئيسي فروع من الشوارع التجارية التخصصية، مثل سوق الدواسين وسوق حارة برجوان، وكان من الأسواق النوعية سوق الشماعين وسوق الدجاجية وسوق السلاح وسوق القفصيات وسوق الجوخيين وسوق الحلاويين وسوق السوابين الصاغة وسوق الصنادقيين وسوق الحريريين، ولا تزال آثار هذه الشوارع التجارية أو الأسواق قائمة في المناطق المختلفة من القاهرة القديمة وأهمها سوق الغورية، في أحد أجزاء شارع المعز لدين الله، أو ما كان يسمى بشارع القصبة.

الأسواق في دمشق وبغداد
وفي دمشق الأموية تكررت الصورة التي لا تزال آثارها قائمة في الشارع التجاري لسوق الحميدية، ثم تكررت الصورة في مدينة بغداد القديمة، وإن كان سوق بغداد الأول يقع في قرية صغيرة خارج مدينة المنصور، ثم التحم بعد ذلك بالهيكل العام للمدينة ولا تزال آثار الشوارع التجارية قائمة في بغداد في سوق الشرجة وهو مقسم نوعيا إلى شوارع تجارية عدة.

أسواق مدينة القدس في العصر العثماني

وتكررت صورة الشوارع التجارية النوعية بعد ذلك في مدينة القدس في العصر العثماني، فظهرت الأسواق المسقوفة والمرصوفة بالبلاط الحجري، مثل السوق الطويل وسوق الحلاجين وسوق الغلال وسوق الحرير وسوق البزازين وسوق العطارين وسوق المجوهرات، وتكررت الصورة كذلك في الأسواق القديمة في مدن المغرب مثل مراكش وفاس ومدن المشرق مثل أصفهان وشيراز بإيران.

الشوارع التجارية
وهكذا كان الشارع التجاري من أهم العناصر التخطيطية المشتركة في المدن الإسلامية القديمة في المشرق والمغرب، وارتبط بسكانها، وهو بذلك يعتبر مدخلا مهما في تخطيط المناطق التجارية كأحد العناصر المهمة لربط المدينة الإسلامية المعاصرة بتراثها الحضاري.

أسواق القاهرة الفاطمية
والقاهرة الفاطمية بوجه خاص تتميز عن سائر المدن الإسلامية ببعض الخصائص منها- كما سبق القول- شارع رئيسي طويل، معروف بالقصبة، يخترقها من الشمال إلى الجنوب، من باب الفتوح إلى باب زويلة، يبلغ عرض الجزء المخصص للمرور منه ثمانية أمتار وتتخلله دخلات تشغلها الأسواق التي تعقد في الشوارع والساحات، وتحف القصبة أبنية فخمة من قصور الخلفاء الفاطميين، تليها منشآت أخرى كالمساجد والمدارس ومدافن السلاطين من المماليك التي أضيفت فيما بعد، كما كانت تشمل أقساما خصص كل منها لنوع من أنواع التجارة كالخيامية والنحاسين والعطارين والمغربلين إلى غير ذلك.

الوكالة في العمارة الإسلامية
الوكالة، أو الخان، عبارة عن فندق من نوع خاص، وتتكون من طابق أرضي يطل على فناء داخلي كبير مفتوح يحتوي على مخازن منفصلة، ومن طوابق علوية مخصصة للسكن، وتطل على الفناء الداخلي المفتوح، وكانت الوكالات تخصص لإقامة التجار الذين يفدون من مختلف البلاد مع عائلاتهم لقضاء موسم التجارة، حيث تخزن بضائعهم في المخازن لحين انتهائهم من تصريفها ثم يرحلون.

ومن المدهش أن أماكن الإقامة في الوكالة لم تكن مجرد حجرات، ولكنها كانت شققا صغيرة أو وحدات سكنية مستقلة تتكون من طابقين أو ثلاثة، وتتصل هذه الطوابق بسلم داخلي لكل وحدة، وقد نسب الغربيون هذه الفكرة الإسلامية الأصلية لأنفسهم باسم الوحدات السكنية المجمعة "الدوبلكس" "والتربلكس"، كما في عمارة مارسيليا 1949م/1951م للمعماري كوريزييه، واتخذت فيما بعد نظرية جديدة من نظريات العمارة الحديثة، ومن أشهر الوكالات وكالة الغوري ووكالة قايتباي.

الربع في العمارة الإسلامية
وهو صورة مبسطة للوكالة، يخصص أصلا للصناع وأصحاب الحرف ويتكون من دور أرضي يضم وِرَشًا ومحلات، وطابقين علويين عبارة عن شقق منفصلة مكونة من حجرة أو حجرتين، وصالة معيشة ومطبخ ودورة مياه لسكن عائلات الصناع أصحاب هذه المحلات.

وبالنسبة للأسواق حاليا فيوجد خان الخليلي بالقاهرة، والحميدية بدمشق، وأسواق الذهب والبشوت والتمور بالكويت، وسوق الأغذية بالشارقة، وسوق الشمغنة بدبي، وكلها أسواق على الطراز الإسلامي أو الخليجي.

المصدر: مجلة الوعي الإسلامي – العدد 532- تاريخ 3/ 9/ 2010م

0 التعليقات:

Commentairesأضف تعليقك

تعليقك يهمنا ويشجعنا
اترك تعليقك هنا

Blogger Tricks

 
Share